1|لا تمنعوا التدخينأجل: فكل ممنوع مرغوب, وصدق أبونواس حين قال:
دع عنك لومي فإن اللوم إغراء
وداوني بالتي كانت هي الداء
ولهذا الكلام مناسبته فقد دعتني مندوبية الدعوة والإرشاد بحي الثغر والجامعة إلى أن أتحدث في منبرها عن أضرار التدخين, ويسرني أن ألبي طلبهم ولكن لن أمنع أحداً عن التدخين بل سأحكي لهم عن تجربتي الشخصية في هذا العالم الضبابي المسموم, فأنا واحد من قدامى المدخنين, وقد أدمنته لمدة أربعين عاماً أو تزيد ووصل بي الحال إلى تدخين مائة سيجارة في اليوم الواحد, وبالطبع حاول الأطباء الذين كنت أتردد عليهم إقناعي بالإقلاع عن التدخين بدون جدوى, ثم جاء يوم أصبت فيه بنوبة قلبية, واكتشف الأطباء أنني أعاني من تصلب الشرايين وضعف عضلة القلب وقصور في وظائف الرئة والكلى, وأنني باختصار أنتحر انتحاراً سريعاً, وقد مكثت في المستشفى شهراً شعرت بعدها بالتحسن, وارجعت السبب في ذلك إلى العلاج والحبوب التي كنت أتعاطاها ولكن الطبيب قال لي إن السبب يرجع إلى إقلاعي عن التدخين في الفترة التي قضيتها في المستشفى, وأضاف أنني إذا واصلت الإقلاع عن التدخين فسيلغي نصف الأدوية التي وصفها لي, وفعلا فعل وتحسنت صحتي بعض التحسن وليس كله, فالضرر قد حصل وما أصاب الرئة والشرايين لن يزول, صحيح أنها ستعمل ولكن بنصف طاقتها أو أقل, ومازلت أعاني من ضعف عضلة القلب, أي أنني مازلت على قيد الحياة ولكني شبه معاق, وأنا الآن في السبعين من عمري, ولكن من يرني يعتقد أنني تجاوزت التسعين, فإذا أردت أن تكون مثلي فلا تتوقف عن التدخين, على أن حالك سيكون أسوأ إذ يُقال ان شركات التدخين لكي تعوض تقلص مبيعاتها في الدول التي تنتمي إليها قد زادت في نسبة النيكوتين في السجائر التي تصدرها إلى العالم الثالث لكي يصبح من الصعب على المدخنين فيها أن يقلعوا عن التدخين, أي أن السجائر التي ستدخنها اليوم أكثر ضرراً من التي كنت أدخنها بالأمس, فهل من مُعتبر?
